ومتى يكون الرجال قوامون على النساء؟
هل القوامة مسؤولية أم سلطة؟
في البداية سأطرح لكم بعض الآيات من القرآن الكريم ورد فيها كلمة "قَوَّامُونَ"
1:- الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ﴿٣٤ النساء﴾
2:- اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴿٦ الفاتحة﴾
3:- الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ ﴿٣ البقرة﴾
4:- كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا ﴿٢٠ البقرة﴾
🔹إذا تأملنا الآيات سنجد القوامة أو القيام .. كما وردت بكل معنى لها في الآيات هي القيام بالأمر أو بالفعل..أو المسؤولية عنه...
ثانيًا :- معنى القوامة في اللغة العربية.
🔹"قِوامَة" مفرد .. وهي القيام على أمر أو مال، أو ولاية الأمْر فمثلاً "القِوامة على أموال اليتامى ليست بالأمر السَّهل"
🔹وفي المعجم الوسيط1
القوامة من "الْقيام على الْأَمر أَو المَال أَو ولَايَة الْأَمر"
🔹وفي معجم لغة الفقهاء1
القوامة بكسر القاف وفتح الواو والميم، هي القيام على الأمر أو المال ورعاية المصالح.
🔹وهنا ندرك أن تعريف "القوامة" في اللغةً بأنها القيام بالأمور أو المال، كما أنها لها تعريفات أخرى "بولاية الأمر" ويُطلق على من يُحسن القيام بالأمور قوّام.
🔹هذا التعريف اللغوي للقوامة..
ويُضاف إليه بأن القوامة من كلمة قوم، والقوم هم المجموعة من الناس الذين يجمعهم أمر ما ليفعلوه..ويقوموا على مسؤليته كاملة..
ثالثًا:- ماذا قالت التفاسير الأولى..عن تفسير الآية.."الرجال قوامون على النساء"
1️⃣ تفسير ابن كثير ..تفسير ابن كثير - ابن كثير - ج ١ - الصفحة ٥٠٣
الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا (34) يقول تعالى " الرجال قوامون على النساء " أي الرجل قيم على المرأة أي هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت " بما فضل الله بعضهم على بعض " أي لان الرجال أفضل من النساء والرجل خير من المرأة ولهذا كانت النبوة مختصة بالرجال وكذلك الملك الأعظم لقوله صلى الله عليه وسلم " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " رواه البخاري من حديث عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه وكذا منصب القضاء وغير ذلك " وبما أنفقوا من أموالهم " أي من المهور والنفقات والكلف التي أوجبها الله عليهم لهن في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فالرجل أفضل من المرأة في نفسه وله الفضل عليها.
2️⃣ تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٥ - الصفحة ١٦٨
قوله تعالى: (الرجل قوامون على النساء) ابتداء وخبر، أي يقومون بالنفقة عليهن والذب عنهن، وأيضا فإن فيهم الحكام والامراء ومن يغزو، وليس ذلك في النساء..
3️⃣ تفسير الطبري - النساء ج8 - ص87
يعنى بقوله جل ثناؤه: "الرجال قوامون على النساء" الرجال أهل قيام على نسائهم فى تأديبهن والأخذ على أيديهن، فيما يجب عليهن لله ولأنفسهم "بما فضل الله بعضهم على بعض" يعنى بما فضل الله به الرجال على أزواجهم من سوقهم إليهن مهورهن، وإنفاقهم عليهن أموالهم، وكفايتهم إياهن مؤنهن. وذلك تفضيل الله تبارك وتعالى إياهن عليهن، ولذلك صاروا قواما عليهن، نافذى الأمر عليهن فيما جعل الله إليهم من أمورهن، وبما قلنا فى ذلك قال أهل التأويل.
الحديث عن قضايا المرأة ونظرة الفقهاء لها قضية لا تنتهى أبدًا، ومبدأ قوامة الرجل على المرأة المستمد من هذه التفاسير الخاطئة يحتاج منا إلى وقفة وسؤال هام جدًا، كيف فهم كبار المفسرين ذلك الفهم للنص القرآني؟
4️⃣ هناك تفسير هام لأحد "شيوخ الأزهر" المعاصرين وهو الشيخ محمد سيد طنطاوى رحمة الله عليه، والذي ورد في "التفسير الوسيط" ج3 ص 163.
🔹قال: قوله قَوَّامُونَ جمع قوام على وزن فعال للمبالغة من القيام على الشىء وحفظه.
يقال: قام فلان على الشىء وهو قائم عليه وقوام عليه، إذا كان يرعاه ويحفظه ويتولاه.
ويقال: هذا قيم المرأة وقوامها للذى يقوم بأمرها ويهتم بحفظها وإصلاحها ورعاية شئونها...
أى: الرجال يقومون على شئون النساء بالحفظ والرعاية والنفقة والتأديب وغير ذلك مما تقتضيه مصلحتهن..
والمراد بالتفضيل فى قوله بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ تفضيل الجنس على الجنس لا تفضيل الآحاد على الآحاد..فقد يوجد من النساء من هى أقوى عقلا وأكثر معرفة من بعض الرجال.
ملحوظة .. رأيي في تفسير الشيخ طنطاوي.. أعترض قليلًا على قوله "تفضيل الجنس على الجنس" وأتفق مع باقي كلامه فهذا تفسير أفضل من التفاسير السابقة ومع ذلك لا يتم ذكره بجانب تفاسير الأوائل.
رابعًا: سنأتي إلى الآية التي يستخدمها المجتمع لقهر المرأة وجعلها تحت سلطة الرجل مهما بلغت من العمر أب أو أخ أو زوج؟ والسؤال هل الله سبجانه وتعالى خلق المرأة لتكون تحت سلطة الرجل أم لتشاركه حياته؟ وهل من العدل أن يكون مخلوق تحت سلطة مخلوق آخر؟ بالطبع الله لم يفعل هذا ولكنها التفاسير الخاطئة للآيات.
ولكن الرجل في المجتمع الشرقي في أغلب الأحيان أناني بطبعه يريد المرأة دائما تحت تصرفه، يتحكم فيها ويمنعها عن القيام بأي عمل وأي شيء تريده يجب أن يكون راضيا عنه تمامًا.
ولا يحب لها النجاح ولا يعذرها إذا قصرت في أعمالها..حتى وإن كان هو مقصر دائمًا..
يفعل كل هذا ويطالب المرأة بالقيام بالدورين معًا..
🔹توفير طلبات المنزل، وتوفير نفسها للقيام بدوره كذكر، وتوفير المتطلبات الخارجية..وتحمل الأعباء المادية.. ومتابعة الأطفال وغير ذلك من الالتزامات التي لا حصر لها...
كل ذلك وأكثر ..ويظل هو يسود ويتحكم، وتحت بند "القوامة" يسيطر على كل شيء، وهذا كله يحدث استنادًا على تفسيرات وأفهام بشر لا أصل لها في القرآن الكريم.
وجهة نظري البسيطة في الآية.
الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ" أن القوامة هي مسؤولية الإنفاق على المرأة ..
فلماذا ينظرون إلى الجزء الأول من الآية (قوامون على النساء)
ويتجاهلون جزء بما انفقوا من أموالهم..
القوامة هي المسؤولية عن مصالح وطلبات المرأة وليست السيطرة.
ولو كانت السيطرة كان قالها الله تعالى بصيغة "الحكم" لا القوامة...
🔹ولكنهم بالطبع كما قلت ومن أجل الفنن في إذلال المرأة زورًا باسم الدين..يتجاهلون باقي الآية" بل يتجاهلون كل الآيات ... التي ترفع مم شأن المرأة وتعطيها الحق والمساواة..
..
🔹بمعنى أن الرجال أنتم مسؤولون بما أنفقوا من أموالهم" قائمون على تلبية مصالح النساء..لأن القوامة تكليف وليست تحكم وسلطة..
🔹أما إذا تم عكس الوضع تحت أي ظرف من الظروف ..وسقط هذا التكليف والانفاق سقطت القوامة.. وسقطت المسؤولية..
"المسؤولية..وليست السيطرة"
📌 أما قوله تعالى بما فضل الله بعضهم على بعض..
أن الله فضل بعض الرجال على بعض..القول عائد على الرجال..بعضهم على بعض..ليس على النساء..
🔹بمعنى أن الرجل الذي يقوم بهذه المسؤولية على أكمل وجه وقوم بالانفاق على المرأة من ماله، ويقوم على مصالحها هو المفضل على الرجل الذي لا يقوم بهذا العمل بشكل جيد..وبما يرضى الله..
إذًا القوامة مسؤولية شرطها الانفاق من مالك وجهدك ووقتك
تسقط عنك إذا سقط الانفاق.
الحديث عن هذه القضية لا ينتهي أبدًا، ومبدأ سيادة الرجل على المرأة المستند زورًا إلى النص القرآنى اعتمادًا على كتب التفاسير يحتاج منا إلى مراجعة..وسؤال فكيف فهم كبار المفسرين النص القرآني؟
هذه وجهة نظري البسيطة جدًا .. والتي لا أعلم مدى صحتها لكنني اتدبرها وأفكر فيها كما امرني الله في كتابه الكريم..
Manal Sadek